‎تشاركني في الزفة وتنافسني في اللفة !

أعظم ما يهدد أي نشاط تجاري في مختلف القطاعات، هي المنافسة. فهي المسبب الرئيسي لأغلب نهايات الأعمال التي لا تملك ميزة تنافسية مستدامة ولا تتطور. لكن قبل أن تبني الشركة ميزتها التنافسية، يجب أن تحمي نفسها من الداخل، بالتحديد من موظفيها التنفيذين الذين يعرفون أسرارها ونقاط القوة لديها، بحيث يمكنهم تكرار نموذج أعمالها بشكل أكثر كفاءة مع تفادي المشاكل والأخطاء.

لذلك تلجأ الشركات لتوثيق عقود موظفيها المهمين بشرط عدم المنافسة لفترة زمنية أو خلال مدة عقد العمل. وهنا يختلف المشرعين والقانونيين وملاك الأعمال والمساهمين والموظفين والعملاء لاختلاف مصالحهم وتقاطعها. فهناك من يعتقد أن هذا تقييد لموارد السوق الحرة، بينما ملاك الأعمال يعتقدون أنها حماية مستحقة من مخاطر معتبرة.

‎قبل استعراض القوانين الحالية للمنافسة، هناك قصة قديمة حدثت في أوائل القرن الخامس عشر في إنجلترا، كانت بمثابة أول قانون للتنافسية: عندما وقع عامل اسمه جون دير اتفاقية تمنعه من العمل في نفس المدينة لمدة ستة أشهر، وبالفعل أكمل تلك الأشهر وذهب للمحكمة حتى ينقض هذا الالتزام، ولكن المدعي لم يحضر، عندها ذكر القاضي أن المدعي لو حضر كان سيسجنه، لأن هذا المنع ضد القانون والسوق الحر.!

‎ظلت هذه القصة التي عرفت باسمه هي السائدة في منع شرط عدم المنافسة الى قرون، إلى ان حدثت قصة في القرن الثامن عشر، عندما قام الخباز ريموند بتأجير محله لشخص اسمه ميشتل، لمدة خمس سنوات واشترط على نفسه ألا ينافس ميتشيل طوال هذه المدة. ولكنه خلال تلك السنوات الخمس افتتح مخبز في منطقة مجاورة لعلمه أن عملائه سيتبعونه، والقانون سيبطل هذا الشرط. المفاجأة كانت أن القاضي أرغم ريموند على الإيفاء بشرطه وعدم افتتاح مخبز جديد حتى نهاية الخمس سنوات. هذه القصة التي عرفت باسمهما، غيّرت مفهوم تقييد التنافسية، وأصبح من الممكن إلزام عدم المنافسة بشروط متباينة.

‎إلى يومنا الحاضر تختلف الدول في تنظيم بنود ‎وشروط عدم التنافس. في الولايات المتحدة مثلا، تختلف الولايات في تطبيق القانون بين السماح والمنع. وربما حادثة مايكروسوفت مع قوقل في قضية التايلندي كاي لي فو، الذي وقع اتفاقية عدم منافسة مع مايكروسوفت قبل انتقاله لقوقل. عندما رفعت مايكروسفت القضية على قوقل، حاولت الأخيرة أن تسحب تلك القضية لولاية كاليفورنيا التي تمنع بند منع التنافسية، ولكنها لم تنجح، وقررت المحكمة إيقاف كاي لي لفترة سنة تقريبا، ولكن الشركتين وصلتا لاتفاق صلح غير معلن خلال خمسة أشهر.

‎حتى نفهم تعقيد هذا الأمر، دعونا نتخيل أننا عملاء لمراكز لجام الرياضية “وقت اللياقة”، وسمعنا خبر تخارج عائلة الحقباني الرائدة في هذا المجال ونيتهم تأسيس مراكز جديدة بمفهوم ذكي يعتمد على التقنية وكفاءة المساحات والموارد، ماذا تتوقعون ردة الفعل لدينا كعملاء؟ بالتأكيد خبر جيد، لأننا سنحصل على مفهوم جديد منافس بحيث يقدم خدمة أفضل وأسعار أقل.

‎الآن لنفترض أننا مساهمين حضرنا عرض المدراء التنفيذين لشركة لجام قبل الادراج، استمعنا للرئيس التنفيذي فهد الحقباني وهو يحكي قصة لجام بكل شغف ساحر ويزفها كعروس فاتنة خطابها ملايين، ويقول طموحنا مستمر وفرص النمو واعدة. استثمرنا مع هذه العقول الرائعة التي خلقت قصة نجاح مذهلة. بعد أقل من سنة، فهد يتحصل مع اخيه على مبلغ 17 مليون ريال نظير النتائج المحققة، ولكن هذه المرة مع ملايين أخرى كنهاية خدمة، فقد قرروا أن ينافسوننا بمفهوم جديد أكثر كفاءة وتطور!

بالتأكيد ‎هناك تباين في ردود الافعال بين العملاء والمستثمرين، ولكن هل ما فعلته عائلة الحقباني، حق مشروع، وعنصر مخاطرة كان يجب أن يفهمه المستثمرين من البداية؟! هل كان يتوجب على مدير الطرح اشتراط عدم التنافس من الإدارة الحالية، لمدة لا تقل عن سنتين؟!

‎لا يوجد جواب مثالي لكل الأسئلة التي تثيرها منافسة مدراء أو مؤسسي أي نشاط! ولكنها حتما عنصر مخاطرة لأي مستثمر يجب أن يتنبه له جيدا.

ربط المقال في صحيفة مال

2020-02-05T16:45:24+03:00فبراير 5th, 2020|الأقسام: عام, مقالات|لا توجد تعليقات

اضف تعليقا