About مفرح الشهري

This author has not yet filled in any details.
So far مفرح الشهري has created 9 blog entries.

التزامات تحت الظل!

يشهد العام 2019 بعض التغييرات على المعايير والسياسات المحاسبية، أهمها طريقة حساب الإيجار IFRS 16 ، والذي قد يغير الموقف المالي والقوة التمويلية والربحية للشركات التي تعتمد على التأجير في طبيعة نشاطها.

لفهم التغيير القادم بشكل واقعي، نفترض أن شركة استأجرت مقرها الرئيسي لمدة 15 سنة، بمبلغ خمسة ملايين ريال سنوياً. حسب السياسة المحاسبية القديمة قد لا نعلم بهذا الالتزام طويل المدى الذي غالباً ما يكون خارج القوائم المالية “تحت الظل”، بينما يظهر الايجار السنوي فقط بقيمة خمسة ملايين في قائمة الدخل يُخصم قبل صافي الأرباح.

في التغيير الجديد، سيظهر الالتزام التأجيري لكامل السنوات الخمس عشر بمبلغ 75 مليون ريال كديون على الشركة يتم إطفائها سنوياً بقيمة الايجار السنوي، ويقابلها في الأصول بند حق الانتفاع أو الاستخدام. هذا يعني أن التغيير حوّل الايجار من مصروف سنوي فقط الى التزام طويل المدى، مما يُضعف الموقف المالي والقدرة التمويلية. يزيد هذا الأمر تعقيداً، قانون التأجير الجديد الذي يحمي المؤجر ويُلزم المستأجر بالسداد ويعامل الإيجار السنوي كورقة دين.!

في الواقع، أكثر الشركات التي ستتأثر من هذه التطورات هي التي تملك عقود تأجيرية طويلة الأمد. كذلك الشركات التي توسعت من خلال استئجار فروعها بشكل عشوائي وتريد الآن تقليص عدد فروعها، ستعاني من كسر عقودها التأجيرية التي كانت في السابق ممكنة وقابلة للتفاوض، حيث ستتحول الى أعباء مالية.!

بالرغم من أن السياسات المحاسبية لا تغير أساسيات الشركة وموقفها التنافسي، إلاّ أن تطورها المستمر يهدف عكس المخاطر المالية المحتملة بشكل أكثر دقة. الأمر الذي سينظم قطاع مثل التجزئة ويجعله أكثر كفاءة، بعدما شهد عمليات توسع عشوائية يدفعها الطمع في حصة سوقية أو تضخيم التدفقات النقدية بهدف التخارج بتقييمات عالية تُخفي التزامات تأجيرية مهمة تحت الظل.

رابط في صحيفة مال

2020-02-05T16:44:01+03:00فبراير 5th, 2020|الأقسام: عام, مقالات|لا توجد تعليقات

من يستثمر في سوق الفلس؟

السؤال الذي لا تُؤمن عواقبه في أي مجلس أو تجمع، هل سوق الأسهم السعودي مجدي للاستثمار؟ لا تُؤمن عواقبه، لأنك ستواجه موجة غاضبة وناقمة من السوق تكيل التهم بأنها لعبة هوامير مصممة ليكسبوا وحدهم فقط، أو هي ضرب من القمار والمغامرة المجنونة، وأعقل الغاضبين سيقول إن اقتصانا ضعيف وسيء لذلك دائما نخسر من سوق الأسهم. جرب أن تطرح هذا السؤال، ولا تستغرب أن يكون بين الغاضبين الخائفين رجال أعمال واقتصاديين وصناع قرار وحتى مدراء استثمار!

قبل محاولة فهم هذا الانطباع العام، سأجيب على السؤال المطروح، وهل يحق للأغلبية أن تغضب وتخاف من السوق، الذي يمر برحلة نزول متواصلة لأكثر من عقد من الزمن؟!
بداية نحتاج أن نعيد الأمور الى عواملها الأساسية، ما هو سوق الأسهم؟ منذ أول إدراج قبل أربعة قرون في أمستردام، كان وسيظل الهدف الرئيسي من سوق الأسهم أن يكون قناة تمويل للشركات. تطورت القوانين والتنظيمات وقنوات التداول وبقي الهدف نفسه. إذا المنطق يقول إن كل متداول هو بمثابة ممول للشركة التي يشتري أسهمها مع اختلاف أحقيته في ملكية أصول الشركة وأولويته في التوزيعات النقدية مع الدائنين.

الذي يحدث فعلياً أن المتداولين ينسون أو يتجاهلون هذه المعادلة الأساسية لسوق الأسهم، فيدخلون في دوامة معقدة من أدوات التداول ومعادلات التسعير ومؤشرات اقتصادية، ورسومات معقدة، لفهم نشاط في الغالب ليس له علاقة بجميع ما سبق! الأمر ببساطة فكر في شراء شركات رابحة ولها موقف تنافسي مميز، فقط لا أكثر ولا أقل. احتفظ بتلك الشركات القوية طالما تحافظ على موقفها السوقي، ولا تعقد الأمور.، فهي مع الوقت ستبتي لك ثروة!

كي أبسط هذا المفهوم وأطبقه على سوقنا السعودي، لنفترض أنك قررت أن تستثمر في شركات قوية بالمواصفات التالية:
– شركة أفهم منتجها الذي تقدمه، وكيف تربح؟.
– لها أكثر من 10 سنوات تربح دون خسارة.
– من ضمن أكبر الشركات التي تعمل في قطاعها.
– لا تصنع أو تبيع سلع برؤوس أموال ضخمة مثل شركات الاسمنت والحديد والبتروكيميكال والمعادن.
– لا تقترض بشكل كبير.

سأقترح بعض الشركات لنختبر الفرضية، وليست توصية بالشراء أو البيع، لكن لتعطينا جواب على السؤال: هل السوق السعودي مجدي للاستثمار؟
(مصرف الراجحي، العثيم، جرير، المراعي، الاتصالات، المواساة، التعاونية، سدافكو، بوبا، … وغيرها من الشركات الرائدة في قطاعها)، لو استثمرت في هذه الشركات بعيدا عن تعقيد التقييمات والمؤشرات والرسومات، وفي أسوأ سيناريو كان توقيتك في قمة السوق عام 2008 عند مستويات 11 ألف نقطة، فإنك ستمر بظروف قاسية جدا هي:

– تعرض السوق لتصحيح قوي حوالي 50% مرتين!
– هبوط حاد لأسعار البترول أدى لدخول الاقتصاد السعودي لمرحلة انكماش.
– عدم الاستقرار السياسي في المنطقة العربية من العام 2011 ودخولنا في حرب اليمن.
– في أقل من سنة فقدت محفظتك 40% على الأقل من قيمتها.
– هناك شركات تملكها لم يكن أدائها أعلى من التضخم! وهناك شركات لاتملكها كان أدائها أعلى من محفظتك!

ومع ذلك، هذه الشركات ستعطيك معدل سنوي تقريبي 15% مما يعني انك تملك الآن أكثر من 4 أضعاف المبلغ الذي استثمرته، مع افتراض أنك كنت تعيد استثمار التوزيعات النقدية وتشتري نفس الشركات.
هل يعقل أن يكون هذا أداء شركات في سوق يتداول بأقل من 25% من قيمة القمة التي بدأت الاستثمار فيها؟ كيف سيكون الأداء لو طورت مهارتك في تقييم الشركات واستثمرت في أوقات الهبوط؟ سيتخطى معدل النمو السنوي 25%!

الحقيقة التي يجب أن يستوعبها المتداولين، أن السوق يعطيك فرصة أن تتملك في شركات قوية وتتحول من مستهلك إلى مالك في نشاط لن تستطيع بناءه بمفردك. تلك الشركات التي تبني الثروات على المدى البعيد موجودة في كل الأسواق وتحتاج الوقت الذي يتطلب منك الصبر. الفرصة تكون أفضل كلما كان السوق أقل كفاءة وأعلى تذبذب مثل سوقنا المحلي، الذي سيعطيك الفرصة لدخول تلك الشركات بأسعار رخيصة جدا. ولكن السؤال الآخر: لماذا يسيطر هذا الانطباع الغاضب والخائف من سوق الأسهم على الأغلبية؟ سأحاول أن أجيب على هذا السؤال في المقال القادم بإذن الله.

رابط المقال في صحيفة مال

2020-02-05T16:44:29+03:00فبراير 5th, 2020|الأقسام: عام, مقالات|لا توجد تعليقات

رسالة الشريك المخادع!‬

‫إذا كنت تنوي الاستثمار في شركة مدرجة بناء على أدائها القوي أو منتجها المميز، فكيف ستفهم تاريخ الشركة ووضعها الراهن ومستقبلها؟‬
‫الجواب ليس في الأرقام المالية فقط، بل هو موجود بشكل موثق في التقارير السنوية للشركة وبالتحديد في رسالة الإدارة، والتي يصفها وارن بافيت بأنها يجب أن تكون في منتهى الشفافية والوضوح وكأن من يكتبها هو شريكي الذي يملك الشركة مناصفة معي، وغبت عنه لمدة سنة، وفي هذه الرسالة سيوضح لي ما الذي حدث في تلك السنة، ماهي المشاكل التي واجهها وكيف سيحلها، ماهي مشاريعه المستقبلية والتحديات؟‬

لكن في الواقع، هل تلك الرسائل تعطي صورة صادقة عن الشركة، أم هي مليئة بالعموميات والتلميع لمنجزات لم تحدث! ولهذا السبب أغلب المستثمرين والمحللين يتجاهلون هذه الرسائل؟ ثم ماذا لو كان هذا الشريك حسب وصف بافيت الذي يكتب الرسالة السنوية، شريك مخادع؟ كيف أفهم شفرات رسالته المليئة بالعموميات والعبارات الدبلوماسية؟‬
‫الجواب لدى لورا ريتنهاوس التي يصفها بافيت بأنها لازالت في صف السلوك الملائكي، ولم تتلقفها شياطين أسواق المال!‬

‫لورا قدمت كتاب فريد من نوعه “الاستثمار بين السطور” يفحص رسائل مدراء التنفيذ السنوية بقالب منظم بعد أن درست أكثر من ألف رسالة في السوق الأمريكي، خرجت بعدها بمؤشر لقياس جودة تلك الرسائل ترتكز على سبع محاور: الاستراتيجية، القيادة، الرؤية، علاقات المساهمين، المحاسبة، توظيف الأموال والصراحة.‬
‫لورا تنبأت بإفلاس شركة انرون بعد أن لاحظت تناقض في رسالة الرئيس التنفيذي مع الناتج الحقيقي، وكذلك الحال لشركة زيورخ للتأمين قبل حدوث الخسائر الكبيرة في المشتقات المالية.‬

‫الكتاب شرح منهجية عملية لتقييم رسائل الشركات وقدم أمثلة لكل محور، ليدعم أهمية تلك الرسائل السنوية للمستثمر، بعد ربط الأداء السنوي للشركات مع معدل أداء رسائل الشركة، حيث كان هناك ترابط قوي بينهما بحيث يمكن التنبؤ بأداء الشركات المستقبلي بناء على جودة الرسائل السنوية.‬

‫تلك الرسائل مهمة جداً لفهم كيف تفكر الإدارة ومصداقيتها مع الوقت في الوعود التي قدمتها، مع البحث عن أجوبة لأهم الأسئلة الاستراتيجية، الفرص وتطوير المنتجات، التحديات، توظيف الأموال والأهم ماذا يفعل المنافسون؟‬

‫الشركة التي لا تعطيك أجوبة واضحة ترسل لك إنذار مبكر بالذات إذا كان الطابع العام لتقاريرها السنوية خالي من الحقائق المهمة ومليء بالتهاني والمديح، العموميات، التطمينات والتأكيدات، أو استخدام مصطلحات معقدة غير مفهومة للعامة، لأنها غالباً حيلة المخادع الذي يحاول أن يخبيء اخفاقاته أو تلاعبه في اسوأ الاحوال.

رابط المقال في صحيفة مال

2020-02-05T16:45:04+03:00فبراير 5th, 2020|الأقسام: عام, مقالات|لا توجد تعليقات

‎تشاركني في الزفة وتنافسني في اللفة !

أعظم ما يهدد أي نشاط تجاري في مختلف القطاعات، هي المنافسة. فهي المسبب الرئيسي لأغلب نهايات الأعمال التي لا تملك ميزة تنافسية مستدامة ولا تتطور. لكن قبل أن تبني الشركة ميزتها التنافسية، يجب أن تحمي نفسها من الداخل، بالتحديد من موظفيها التنفيذين الذين يعرفون أسرارها ونقاط القوة لديها، بحيث يمكنهم تكرار نموذج أعمالها بشكل أكثر كفاءة مع تفادي المشاكل والأخطاء.

لذلك تلجأ الشركات لتوثيق عقود موظفيها المهمين بشرط عدم المنافسة لفترة زمنية أو خلال مدة عقد العمل. وهنا يختلف المشرعين والقانونيين وملاك الأعمال والمساهمين والموظفين والعملاء لاختلاف مصالحهم وتقاطعها. فهناك من يعتقد أن هذا تقييد لموارد السوق الحرة، بينما ملاك الأعمال يعتقدون أنها حماية مستحقة من مخاطر معتبرة.

‎قبل استعراض القوانين الحالية للمنافسة، هناك قصة قديمة حدثت في أوائل القرن الخامس عشر في إنجلترا، كانت بمثابة أول قانون للتنافسية: عندما وقع عامل اسمه جون دير اتفاقية تمنعه من العمل في نفس المدينة لمدة ستة أشهر، وبالفعل أكمل تلك الأشهر وذهب للمحكمة حتى ينقض هذا الالتزام، ولكن المدعي لم يحضر، عندها ذكر القاضي أن المدعي لو حضر كان سيسجنه، لأن هذا المنع ضد القانون والسوق الحر.!

‎ظلت هذه القصة التي عرفت باسمه هي السائدة في منع شرط عدم المنافسة الى قرون، إلى ان حدثت قصة في القرن الثامن عشر، عندما قام الخباز ريموند بتأجير محله لشخص اسمه ميشتل، لمدة خمس سنوات واشترط على نفسه ألا ينافس ميتشيل طوال هذه المدة. ولكنه خلال تلك السنوات الخمس افتتح مخبز في منطقة مجاورة لعلمه أن عملائه سيتبعونه، والقانون سيبطل هذا الشرط. المفاجأة كانت أن القاضي أرغم ريموند على الإيفاء بشرطه وعدم افتتاح مخبز جديد حتى نهاية الخمس سنوات. هذه القصة التي عرفت باسمهما، غيّرت مفهوم تقييد التنافسية، وأصبح من الممكن إلزام عدم المنافسة بشروط متباينة.

‎إلى يومنا الحاضر تختلف الدول في تنظيم بنود ‎وشروط عدم التنافس. في الولايات المتحدة مثلا، تختلف الولايات في تطبيق القانون بين السماح والمنع. وربما حادثة مايكروسوفت مع قوقل في قضية التايلندي كاي لي فو، الذي وقع اتفاقية عدم منافسة مع مايكروسوفت قبل انتقاله لقوقل. عندما رفعت مايكروسفت القضية على قوقل، حاولت الأخيرة أن تسحب تلك القضية لولاية كاليفورنيا التي تمنع بند منع التنافسية، ولكنها لم تنجح، وقررت المحكمة إيقاف كاي لي لفترة سنة تقريبا، ولكن الشركتين وصلتا لاتفاق صلح غير معلن خلال خمسة أشهر.

‎حتى نفهم تعقيد هذا الأمر، دعونا نتخيل أننا عملاء لمراكز لجام الرياضية “وقت اللياقة”، وسمعنا خبر تخارج عائلة الحقباني الرائدة في هذا المجال ونيتهم تأسيس مراكز جديدة بمفهوم ذكي يعتمد على التقنية وكفاءة المساحات والموارد، ماذا تتوقعون ردة الفعل لدينا كعملاء؟ بالتأكيد خبر جيد، لأننا سنحصل على مفهوم جديد منافس بحيث يقدم خدمة أفضل وأسعار أقل.

‎الآن لنفترض أننا مساهمين حضرنا عرض المدراء التنفيذين لشركة لجام قبل الادراج، استمعنا للرئيس التنفيذي فهد الحقباني وهو يحكي قصة لجام بكل شغف ساحر ويزفها كعروس فاتنة خطابها ملايين، ويقول طموحنا مستمر وفرص النمو واعدة. استثمرنا مع هذه العقول الرائعة التي خلقت قصة نجاح مذهلة. بعد أقل من سنة، فهد يتحصل مع اخيه على مبلغ 17 مليون ريال نظير النتائج المحققة، ولكن هذه المرة مع ملايين أخرى كنهاية خدمة، فقد قرروا أن ينافسوننا بمفهوم جديد أكثر كفاءة وتطور!

بالتأكيد ‎هناك تباين في ردود الافعال بين العملاء والمستثمرين، ولكن هل ما فعلته عائلة الحقباني، حق مشروع، وعنصر مخاطرة كان يجب أن يفهمه المستثمرين من البداية؟! هل كان يتوجب على مدير الطرح اشتراط عدم التنافس من الإدارة الحالية، لمدة لا تقل عن سنتين؟!

‎لا يوجد جواب مثالي لكل الأسئلة التي تثيرها منافسة مدراء أو مؤسسي أي نشاط! ولكنها حتما عنصر مخاطرة لأي مستثمر يجب أن يتنبه له جيدا.

ربط المقال في صحيفة مال

2020-02-05T16:45:24+03:00فبراير 5th, 2020|الأقسام: عام, مقالات|لا توجد تعليقات

‫الحوافز .. أم المصائب ومفتاح الشرور!‬

في عام 2014 م، تلقى الوسط الاستثماري السعودي خبر صادم حين أعلن المراجع الخارجي لشركة موبايلي وجود ملاحظات جوهرية، تبيّن لاحقاً أنها تلاعبات محاسبية ضخّمت الأرباح وبعضها غير فعلي أصلاً! خبر صادم لأن “موبايلي” كانت في الاذهان نموذج إداري ملهم مع بيئة عمل جاذبة. ما الذي حدث؟ بالطبع لا أحد يملك كل الحقيقة، لكن الذي يتضح لي كمحلل ومتابع، أن نظام الحوافز كان السبب، كيف؟ محاسبيا كانت الشركة تعترف بالمبيعات قبل أن تقدم الخدمة بمعنى أنها لو أوصلت صندوق انترنت الى منزلك، فهي تعترف محاسبيا أنك اشتركت ولمدة عشر سنوات مثلاً!

بالنسبة للإدارة كان هذا المخرج المحاسبي مثل الدجاجة التي تبيض ذهباً، وفعلا استفاد الطاقم الإداري وجمع ملايين الريالات كحوافز على تلك المبيعات! المصيبة الأكبر ان الإدارة لم تعد تهتم أصلا بتلك الخطوط، هل فعلا تم ايصالها أم لا! طالما عدّاد الحوافز شغّال، الباقي لا يهم! ‬

‫مشكلة تصميم الحوافز عنصر مخاطرة مستمر، فبعد مشكلة “موبايلي” كانت أزمة الحوافز للبنك السعودي الفرنسي! وهذه المشكلة تقع حتى في أفضل الأسواق تنظيماً ورقابة، كما حدث مؤخرا مع بنك ويلز فارقو البنك الأمريكي العريق الذي أُكتشف ان فريقه كان ينشئ حسابات وهمية لتضخيم الحوافز! وهناك مشاكل اخرى لشركات عديدة لم تظهر على الساحة وربما كانت سبب في افلاس بعضها أو تكبدها خسائر مستمرة لوجود نظام حوافز خاطئ.‬

‫لا يعني أن الشركات يجب أن تلغي الحوافز، فهذا انتحار إداري يحيل الشركات الى بيئة طاردة. الحوافز مهمة جدا للموظفين. كيف إذاً تصمّم الشركات نظام الحوافز؟‬

‎‫هناك عدة محاور لتصميم الحوافز التي تراعي مصالح الموظفين والشركة ويكون مفعولها مجدي:‬

‫المحور الأول: ربط الحوافز بالأرباح، لأن ربطها بالمبيعات فقط، يعني أن الموظف لا يهتم بمصلحة الشركة فيجنّد كل مواردها ومصاريفها في سبيل بيع المنتج! لا يمنع أن يكون جزء بسيط من الحافز يقاس على المبيعات لأنه في الغالب في البدايات تكون المصاريف عالية، لكن بالمجمل يجب أن تربط بالأرباح.‬

المحور الثاني: قياس الحوافز على فترات زمنية وليس بشكل سنوي فقط. التركيز على فترات قصيرة قد يحفز الموظف على قبول أي صفقة لبيع منتج أو خدمة قد تظهر مشاكلها لاحقا. ‬

‫المحور الثالث: تبسيط نظام الحوافز ومؤشرات الأداء بشكل يمكن لأي موظف حساب عائده من الحوافز دون الحاجة لموظف الموارد البشرية. عدم الوضوح وكثرة المؤشرات تأتي في الغالب نتيجة مكاتب الاستشارات التي تريد تقديم عمل معقد يبرر رسومها! بينما الفكرة أبسط من ذلك بكثير، ويمكن تصميمها بشكل مباشر للأهداف المطلوبة من كل موظف مع مراعاة المحاور الأخرى.‬

‫المحور الرابع: أفضل عائد للحافز هو النقدي، العوائد الأخرى مثل خيارات الأسهم، خطيرة وقد تشتت ذهن الموظفين وبالذات الإدارة العليا تصبح مشغولة بأداء السهم عوضاً عن أداء الشركة. وبعض الإدارات تلجأ لخدع محاسبية لرفع سعر السهم قبل الاستحقاق، مما يخلق تذبذب وأثر سلبي على الشركة في المدى البعيد.‬

‫المحور الأخير: العدل في توزيع الحوافز، فليس كل الشركات تلعب الإدارة العليا فيها دور جوهري ومركزي، لذلك يجب أن تكون الحوافز متوزعة بشكل عادل بين جميع الموظفين إذا كانت جهودهم متقاربة.‬

الحوافز هي المحرك الفعلي الذي يجب أن تصممه الشركات بشكل مبسط وعملي وعادل، يجعل الموظف يمارس عمله بشغف وحماس وانتماء. والأهم، انه يحمي من المصائب التي ترتكبها بعض الإدارات ويغلق أبواب الشرور التي تضر المساهمين.

رابط المقال في صحيفة مال

2020-02-05T16:45:45+03:00فبراير 5th, 2020|الأقسام: عام, مقالات|لا توجد تعليقات

مدير كبير…!

كان هناك تساؤل شغل ذهن الأكاديمي والمؤلف الأمريكي جيم كولينز، عن ماهي العوامل التي قفزت بشركات من المستوى الجيد إلى العظيم، بالمقارنة مع شركات تعمل بنفس الظروف والصناعة، ولكنها تبقى في مستوى الجيد أو تسقط إلى السيء!

وللإجابة على هذا التساؤل المنطقي والمحيّر، بدأ مع فريقه البحثي دراسة السوق لمدة خمس سنوات، حيث اختاروا أحد عشر شركة حققت أسعار أسهمها عوائد عالية جدا مقارنة مع شركات مماثلة لها، وذلك خلال خمسة عشر سنة. حرصوا أن يكون هناك شركات للمقارنة لديها نفس الموارد، ولكنها لم تنجح في تحقيق هذا النمو. أضافوا إليهم مجموعة أخرى حققت قفزات نمو كبيرة لكنها لم تستطع المحافظة عليها.

خرج الفريق بنتائج مذهلة وعوامل مشتركة لخصها جيم في كتابه “من جيد إلى عظيم”، لكن أهم تلك العوامل والمثير للدهشة كان طبيعة وصفات المدراء التنفيذين لتلك الشركات! قد تتخيل قادة لا يتحدثون كثيرا ويقدمون أنفسهم على أنهم ذوي معرفة عميقة، ويمشون في الأرض مرحا أو “شوفة نفس”! الذي وجده جيم وفريقه كان العكس تماما، كان القادة لتلك الشركات العظيمة، متواضعين جدا وكثيري الأسئلة والأهم لديهم الجرأة على الاعتراف بأخطائهم ومناقشتها بكل صراحة ووضوح! ولك أن تتخيل كيف هي البيئة التي صنعوها لتحفز الأفكار أن تعبر دون خوف من الانتقاد أو الخطأ أو حتى زعل المدير!

قد يبدوا الحديث عن القائد المتواضع من الناحية النظرية وحتى العاطفية جميل وحالم، لكن في الواقع الأمر مختلف، البيئة الداخلية لأغلب المنظمات، أصبحت تعطي كرسي المدير امتيازات وصلاحيات تغذي الغرور، مكاتب بمساحات وتصاميم ومداخل متفرقة توحي أن هنا يعمل أذكى وأهم شخص في المنظمة. كل الموظفين يدغدغون مشاعره ويعطرون مسامعه بأعذب كلمات الولاء المطلق، والثناء المستدام. يزيد الوضع تعقيدا ان كان القائد يواجه الاعلام، المحللين، الأضواء بكل أنواعها، ولطالما كان الرئيس التنفيذي الناجح قصة مشوقة ومادة إعلامية دسمة تتصدر الأغلفة. حتى الذكاء والمعرفة، والأداء القوي الذي قد يكون نتاج عوامل خارجية، كلها محفزات لغرور القائد الذي ينعكس بشكل سلبي على بيئة المنظمة.

تاريخ الأعمال مليء بقصص القادة الأذكياء بل والأذكياء جداً الذين قادوا شركاتهم إلى الفشل والخسائر، لأنهم وقعوا في فخ الغرور، وأصبحوا يعاملون موظفيهم بفوقيه وتعالي ولا يقبلون منهم الأفكار والمناقشة! ولذلك القائد الناجح هو من يملك الشغف مع التواضع، وليس من يجعل كل موارد الشركة مرآة لا يرى فيها إلا نفسه “المدير الكبير”.

رابط المقال في صحيفة مال

2020-02-05T16:46:06+03:00فبراير 5th, 2020|الأقسام: عام, مقالات|لا توجد تعليقات
تحميل المزيد