الوصايا الخمس لاكتتاب «أرامكو»

‫أصبح طرح شركة أرامكو للاكتتاب العام واقع، حيث دخل مرحلة التنفيذ، كحدث عالمي له منافع عديدة ومثمرة للوطن بإذن الله. ولكن على مستوى الأفراد، كيف يمكن الاستفادة والمشاركة في هذا الطرح؟‬

‫هناك خمسة أمور يجب أن يضعها المكتتب الفرد في الاعتبار:‬

‫أولاً: أرامكو فرصة استثمارية نوعية، لعدة اعتبارات أهمها الميزة التنافسية المستدامة في كونها الأقل تكلفة عالميا، وهذه ميزة كفيلة ببناء ثروات لملاكها على المدى البعيد، خصوصا وان الشركة تنوي توزيع جزء كبير من أرباحها للمساهمين، بتوزيعات سنوية بشكل ربعي، مما يعطي المستثمر قدرة على إعادة استثمار أمواله بمعدل نمو مستدام.‬
‫ ‬
‫ثانياً: لا تُفرط كثيرا في تفاؤلك حول أداء أرامكو فتبيع كل استثماراتك، وتضع كل أموالك فيها لتحقيق ربح سريع بعد ادراج السهم للتداول! لا يخلو أي استثمار من مخاطر تتعلق بالشركة نفسها، أو السوق، لذلك يجب أن تكون جزء من استثماراتك وليس الكل! لا ننسى ان أرامكو شركة وصلت مرحلة النضج وتعمل في قطاع السلع الذي لا يمر بأفضل حالاته ولا يتوقع له نمو قوي خلال العقد القادم.‬
‫ ‬
‫ثالثاً: لا تقترض بفوائد عالية، أو تكتتب بموقف تمويلي عالي يجعلك تحت الضغط للبيع في حال نزول سعر السهم. كذلك لا تمارس الاقتراض من الأشخاص بهدف المشاركة في الربح وانت تضمن الخسارة! لان هبوط سعر سهم أرامكو بعد الادراج أمر وارد، مما يعرضك لخسائر أنت في غنى عنها، فيستفيد غيرك وتدفع انت الثمن. الأمر لا يتطلب أن تقترض مبلغ ضخم للمشاركة في الاكتتاب إذا لم تمتلك مبلغ ادخاري أو فائض مالي.‬

‫رابعاً: استعن بالوقت في استغلال تلك الفرصة، فهناك حافز مميز للأفراد لمن يحتفظ بأسهمه لفترة 180 يوم سيحصل على سهم مجاني مقابل كل عشرة أسهم يكتتب بها. اجعل هدفك الاستثماري عشرات السنين، فمتى ما صادقت الوقت في رحلتك الاستثمارية يكون ثمن الصداقة، ثروة مستدامة. القروض والافراط في التفاؤل، تحفز الطمع وتجعلك في مواجهة مع الوقت أن تبيع بأسرع وقت بعد إدراج السهم للتداول. لذلك تخلص من تلك المعوقات، واجعل هدفك الاستثماري بعيد ومستدام.‬

‫خامساً: اكتتاب أرامكو سيعيد أفراد كثيرين الى منصة التداول مرة أخرى، بعد أن هجروا السوق نتيجة خسائر تعرضوا لها كانت نتيجة ممارسات خاطئة. وربما يغري أشخاص جدد! إلى كل هؤلاء، فليكن العود أحمد!‬ استثمر في شركات لها موقف سوقي قوي، مدعومة بسجل ربحي عالي، ولا تطارد اوهام الثراء السريع.

‫أرامكو تقدم نفسها كفرصة مثالية للمستثمر الذي يبحث عن عائد متنامي ومستدام في ظل هبوط معدلات أسعار الفائدة. المستفيد هو من يتصادق مع أرامكو ويجعل لها نصيب من توزيعه الاستثماري بشكل متزن، فهي بإذن الله باب خير ورزق للبلاد والعباد.

رابط المقال في صحيفة مال

2020-02-05T16:46:30+03:00فبراير 5th, 2020|الأقسام: عام, مقالات|لا توجد تعليقات

من خاف سلم يا “تاسي”!

في عام 1909 ولدت الأمريكية قريس قرونر وسط ظروف اقتصادية وسياسية سيئة، زاد الوضع سوءاً أنها فقدت والديها، وبتعليم متواضع لم تتمكن تلك الفتاة اليتيمة الحصول على وظيفة سوى سكرتيرة براتب متدني. استمرت على تلك الوظيفة طوال مشوارها العملي دون أن تتزوج حتى ماتت في عام 2010. كانت المفاجأة بعد وفاتها، أنهم وجدوا في حسابها 7 مليون دولار كانت قد أوصت أن تكون وقف لدعم منح التعليم.‬
‫في نفس تلك الحقبة تقريبا عاش ريتشارد، حيث ولد وسط أسرة غنية وتلقى تعليمه في أقوى جامعات الأعمال الامريكية وعمل في مناصب عليا في شركات مالية في أعتى أسواق المال “وول ستريت”. وقرابة السنة التي ماتت فيها قريس قرونر، أعلنت المحكمة مصادرة أموال ريتشارد وإعلان افلاسه!‬

مفارقة قد تبدوا من الخيال! كيف تفوقت قريس في أداءها الاستثماري بتعليمها البسيط وعلاقتها المتواضعة على ريتشارد الذي يملك تراكم معرفي عميق في الاستثمار مدعوم بعلاقات وخبرات مذهلة؟‬
‫تلك المفارقة تؤسس لجوهر العملية الاستثمارية، وهي الانضباط السلوكي، فالاستثمار ليس ما تعرف، ولكن كيف تتصرف بما تعرف؟‬
‫قريس كانت تجنّب نسبة من راتبها وتشتري شركات مدرجة، احتفظت بها، لمدة 80 سنة تقريباً. انضباط وصبر وعدم استعجال للثروة، أحرز نتائج مستدامة، حيث يدفع الوقف مبلغ سنوي 409 ألف دولار للمنح التعليمية.‬
‫لأن الانضباط السلوكي يعني مقاومة الطمع والبحث عن الثراء السريع وكذلك مقاومة الخوف والهلع من الخسارة، تصبح عملية الانضباط معقدة وصعبة يفشل الأغلبية في تحقيقها. وهنا يلجأ المتداولون لمنهجيات أثبت التاريخ والعلم أن مصيرها الفشل، مثل الاعتماد الكلي على نصائح الآخرين والتقلب بين الآراء، وغيرها من المنهجيات الخاطئة. ومع تكرار النتائج المخيبة من تلك المنهجيات، يرسخ شعور الخوف من السوق بالذات في أوقات الأزمات التي تعتبر أهم توقيت للمستثمر. وبدلاً من المكاشفة وتمحيص الأخطاء، يُفضّل المتداولين أن يلقوا اللوم على السوق أو الأشخاص أو الشركات المالية، دون محاولة تطوير المنهجية الاستثمارية.‬
‫انطباع الخوف من سوق الأسهم، ليس حصراً على الأفراد بل هو متعدي لأن يكون تصنيف حتى عند الشركات المالية والهيئات المنظمة وحتى البنوك المركزية، بل حتى المناهج الأكاديمية، تعتبر سوق الأسهم عالي المخاطر!‬
‫والحقيقة أن سوق الأسهم المدرجة هو أعظم مصدر لبناء الثروات فيه ديناميكية ومستوى إفصاح عالي يُمكّن المتداولين من المشاركة في أنشطة قوية وناجحة تبني لهم ثروات مع الوقت. الخوف من تلك الشركات وتصنيفها بأنها عالية المخاطر، هو قرار غير عقلاني، والتكلفة البديلة له عالية جدا!‬
‫في الواقع، هذه النظرة من المؤسسات والهيئات التي يفترض فيها الاحترافية، أدّى لتدمير ثروات بحجة التحفظ، حيث تستثمر مئات المليارات في شركات التأمين، والهيئات الحكومية، والصناديق الوقفية، في ودائع لا تعطي أعلى من معدل التضخم والزكاة! ماذا لو أُنفقت تلك الأموال في الشركات الخاصة والعامة! ماهي التكلفة البديلة لتلك القرارات؟ جزء كبير من تدهور شركات التأمين، هو التحفظ المبالغ فيه من “ساما” تجاه المنهجية الاستثمارية للشركات ونموذج الكفاءة المالية الذي يحرمها من الاستثمار بشكل أكبر في الشركات المدرجة.‬
‫في الاستثمار الخوف ليس حفظ للأموال، ولا حرص محمود، الخوف هو العدو الأول الذي يقتل الفرص ويدمر الثروات. لذلك من خاف سلم من الثروة المتنامية، أو بالأصح من خاف ندم!

رابط المقالة في صحيفة مال الاقتصادية:
https://www.maaal.com/archives/20190206/118471

2020-02-05T16:47:09+03:00أبريل 5th, 2019|الأقسام: عام, مقالات|لا توجد تعليقات
تحميل المزيد